التعلم الذاتي

قوة التعلّم الذاتي: خلاصة تجربتي على مدار 8 سنوات

من خلال قوة التعلّم الذاتي يمكنك أن تكون أي شيء تُريده، أو أن تفعل أي شيء تريد فعله. بدون الحاجة لدفع المال أو إلى وقت ثابت، أو نمط حياة معين.
_ Bob Webb

أضيف على ذلك، يمكنك التعلم بالطريقة المناسبة لك سواء أكانت عن طريق الكتب أو الفيديوهات أو حتى عن طريق الكتب الصوتية. بالإضافة لذلك لن تحتاج إلى أن تكون موجود في دولة محددة حتى تتعلم ذاتيًا، فبإمكانك الوصول لأفضل المصادر في مجالك، بدون أن تغادر غرفتك حتى.

التعلّم الذاتي ببساطة هو ان تُعلّم نفسك بنفسك، بدون أن يتابع معك أحد، وحتى بدون وجود اختبارات 🙂

تجربتي في التعلّم الذاتي بدأت منذ قرابة الـ 9 سنوات، وذلك بتعلّم مجال تصميم الجرافيك ذاتيًا عن طريق الإنترنت، ومؤخرًا قبل 3 سنوات بدأتُ في تعلم مجال تطوير واجهات المواقع Front-end Development بشكل ذاتي أيضًا.. يمكنني القول ان كل ما تعلمته في مجال التصميم وتطوير الويب هو عن طريق التعلم الذاتي، فمجال دراستي بعيد كل البعد عن هذا المجالات. وحتى الآن لم آخذ أية دورات على أرض الواقع.

بعد ثلاثة شهور من البدء في تعلّم تطوير المواقع، قمتُ بتطوير موقعي الشخصي بنفسي، وأعتقد أنني كنت قادرًا على استلام مشاريع بسيطة إلى متوسطة في هذا المجال، وهذه كله في خلال ثلاثة شهور فقط من التعلّم اليومي.

هذه التجربة أثبتت لي أنه يمكنني تعلم أساسيات أي مجال جديد من مجالات التصميم في فترة قياسية، بحيث يمكنني بناء مشاريع بسيطة في هذا المجال، وبجودة جيدة جدًا.

على الجانب الآخر، وقبل شهرين تقريبًا، أعلنت العديد من الشركات الكُبرى مثل قوقل وأبل وآي بي أم وغيرهم عن عدم اشتراط الشهادة الجامعية في العديد من وظائفهم، هذا يعني أن الشهادة الجامعية لم تعد شرطًا للحصول على وظائف في هذه الشركات، يمكن لأي شخص مُتعلم ذاتيًا أن ينافس على مثل هذه الوظائف بشكل رسمي. طبعًا هذا لا يُلغي أهمية الشهادة، لكن على الأقل يبيّن توجه العالم، في أن الذي سيحدد مستقبلك هو القيمة التي تستطيع تقديمها، والخبرة التي تمتلكها، والشهادة هي وسيلة مساعدة تزيد من فرصتك فقط ولكنها ليست عامل أساسي.

الشغف هو وقود التعلّم الذاتي

الشغف

الشغف والسعي الدائم للأفضل هو الوقود الذي سيدفعك للاستمرار في التعلّم الذاتي. لذلك دائمًا ما يُنصح بأن تراجع دوافعك جيدًا قبل البدء في تعلّم أي مجال ذاتيًا.

إذا كان دافعك لتعلم مجال معين هو المال فقط، ففي الغالب هذا الدافع ليس كافيًا للاستمرار في التعلّم، خاصة في حالة تأخر النتائج المتوقعة، مما سيؤدي للتوقف عن التعلّم في منتصف الطريق، وبالتالي الفشل في الحصول على المال أيضًا.

إجعل الشغف وحب المجال هو الدافع الأساسي لدخول المجال، والمال سيأتي عاجلًا ام آجلًا، لأن مقدار ما تكسبه يعتمد على مستواك والقيمة التي تقدّمها، بغض النظر عن مجالك. طالما أن مستواك جيد، فالمال مسألة وقت فقط!

لماذا التعلّم الذاتي؟

الكندل

التعلّم الذاتي هو الذي يصنع الفارق

بغض النظر عن مستوى شهادتك الجامعية، فبالتأكيد هنالك المئات وربما الآلاف الذين يتخرجون سنويًا في نفس مجالك وربما بدرجة أعلى.. لمنافسة هؤلاء وصنع الفارق، ربما يجب عليك إكمال عملية التعلم ذاتيًا.

أيضًا التعلّم الذاتي هو الذي سيضمن لك أن تكون معلوماتك محدّثة بإستمرار، وتكون على اطلاع بآخر المستجدات في مجالك.

تعلّم ما تحتاج إليه فقط

في التعلّم الذاتي لن تكون مُجبرًا على تعلم أمور لا تحتاج إليها، وبعيدة كل البعد عن مجالك. حتى الآن لم أستوعب كيف أن لدرجاتك في مادة التاريخ أو الفيزياء، يمكن أن يكون لها تأثير مباشر على مستقبلك، مع أن مجالك بعيد كل البعد عن هذه المواد مثل التصميم أو التسويق وغيرهم، ما العلاقة بين الأثنين أصلًا؟ ولماذا عليّ أن أضيع ساعات نفيسة من عمري في تعلم أشياء لا أحتاجها – على الأقل حاليًا – ؟

تعلم بطريقتك الخاصة

الحرية في الطريقة التي تتعلم بها، لا تقدر بثمن. يمكنك التعلم عن طريق الكتب أو عن طريق الفيديوهات، أو عن طريق أي وسيلة من وسائل التعلم، المهم أن تتعلم فقط.

عن نفسي أُفضل تعلم الأساسيات وأخذ نظرة عامة عن الموضوع عن طريق الفيديو، وبعد ذلك التعمق يكون عن طريق الكتب والمقالات والتوثيق الرسمي.

اختر الوقت والسرعة المناسب لك

يمكنك التعلم في الصباح الباكر، أو في منتصف الليل، أثناء الإنتظار، أو في وقت المواصلات، لست مقيدًا بوقت محدد للتعلم. أيضًا يمكنك التعلم 5 ساعات يوميًا، أو نصف ساعة يوميًا. على حسب جدولك والوقت المتاح لك.

التعلم الذاتي في الغالب مجاني

أغلب المصادر التعليمية متوفرة بشكل مجاني على الإنترنت، في الغالب لن تحتاج لأن تدفع أي شيء حتى تتعلّم. على مدى الثمانية سنوات الماضية لم أتعلم أي شيء بشكل مدفوع ما عدا مرّة واحدة.

تعلّم من أفضل المصادر

مع وجود الإنترنت يمكنك الوصول لأفضل وأحدث المصادر على الإطلاق في مجالك، حصولك على أحدث المعلومات يعني أن ما تتعلمه هو ما يحتاجه سوق العمل بالضبط، عكس التعليم التقليدي، والذي في الغالب تكون الفجوة كبيرة بين المنهج الدارسي وسوق العمل.

الإستمتاع بالتعلّم

عندما يجتمع الشغف بمجال معين مع الحرية التي يوفرها التعلّم الذاتي، تصبح عملية التعلّم ممتعة لأبعد الحدود، هذا الأمر يجعلك في حالة تعطش دائم لأي معلومة جديدة في المجال.

مارس وتعلّم

التعلّم الذاتي يعتمد على الممارسة بشكل أساسي، فأنت تدرس وتطبق وترى النتائج مباشرة، عكس التعليم التقليدي، والذي يعتمد على التلقين في المقام الأول.

كيف تُصبح متعلمًا ذاتيًا؟

مكتبة
  1. حدد المجال الذي يستهويك.
  2. راجع وحدد الدافع لتعلمك لهذا المجال؟ هل هو حبك ورغبتك في هذا المجال، أم لمجرد سماعك أنه الأعلى دخلًا؟
  3. حدد مصادرك: أختر أول مصدر ترتاح له، وتشعر بأنه مناسب. لا تبحث عن أي مصدر آخر.
  4. تعلم الأساسيات أولًا: تعلُّم أساسيات المجال سيمكنك من بناء أساس متين، تستطيع البناء عليه بعد ذلك، كما يعطيك نظرة أوسع عن المجال.
  5. هل هذا المجال هو المجال الذي تريده فعلًا؟ بعد تعلمك للأساسيات، الآن تستطيع الإجابة على هذا السؤال بشكل أوضح، هل ما زال لديك الدافع والشغف لتعلم هذا المجال فعلًا؟ أم من الأفضل إعادة التفكير في مجال آخر؟
  6. استمر في التعلم والتطبيق: بعد التأكد من أن هذا هو مجال الحياة فعلًا، يمكنك الإستمرار في التعلم والتطبيق وممارسة المجال بشكل عملي، وهذا المرحلة ستكون دائمة، ليست هنالك مرحلة ستتوقف عندها.

بعض الملاحظات والنصائح في التعلّم الذاتي

مكتب
  • حوّل التعلّم الذاتي لإسلوب حياة: بمعنى أن يكون جزء لا يتجزأ من حياتك، تمارسه بشكل يومي، وتخصص له وقت محدد يوميًا.
  • الإستمرار أهم من الكمية: من الاستراتيجيات التي أصبحت اتبعها ولمست فائدتها الكبيرة عليّ، هو أن أحرص على ان لا يمر يوم بدون تعلم شيء جديد في المجال، مهما كان مقداره.. هذا الأستراتيجية قوية جدًا، وبعد مدة بسيطة سترى الفرق بنفسك.
  • لا تتنقل كثيرًا بين المصادر: البحث عن أفضل المصادر، قد يسبب لك التشتت، ويؤخرك عن التعلم. أعتقد من الأفضل أن تبدأ في التعلم من أول مصدر ترتاح له.
  • تدوين الملاحظات: عندما ابدأ في تعلم تقنية جديدة أحرص على تسجيل المعلومات الجديدة والأساسية حول هذه التقنية، على مستند في Google Docs. في المستقبل يكفي إلقاء نظرة على هذا المستند لإسترجاع أغلب المعلومات التي اكتسبتها أثناء التعلّم.
  • كُن صديقًا لـ Google: أهم ميزة للمتعلمين ذاتيًا، هو معرفة طريقة الوصول للمعلومات من خلال غوغل. هذه أهم مهارة تحتاج إليها. أغلب المشاكل التي تواجهك قد واجهت أشخاص من قبلك، وحلولها موجودة على الأنترنت، فقط استخدم غوغل! هذه مقالة تحتوى على بعض الحيل في استخدام غوغل

هل للتعلّم الذاتي مساوئ؟

لا أفضل أن أسميها مساوئ، بقدر ما أعتبرها تحديات، يجب التركيز عليها لتجاوزها:

  • في التعلّم الذاتي لا يوجد شخص ليتابع معك أو يحاسبك، وليس هنالك اختبارات أيضًا، بل الأمر يعتمد على دوافعك الذاتية بشكل أساسي، إستمرار هذه الدوافع هو الذي سيضمن لك إستمرار التعلم، وفقدان هذه الدوافع سوف يؤدي إلى إيقاف عملية التعلم.
  • كثرة المصادر قد تسبب التشتت كما ذكرنا بالأعلى. لذلك من الأفضل البدء بأول مصدر ترى أنه مناسب.

ختامًا، أريد التأكيد مرّة أخرى على أهمية هذه النقطة:

التعلّم الذاتي لا يتعارض مع الدراسة الأكاديمية، بل يجب ان يكون امتداد لها، إذا كانت لديك الفرصة للدراسة الأكاديمية لمجالك فلا تفرط فيها أبدًا، وإذا لم تتهيأ لك الفرصة – مثلي – فلا تقلق، يمكنك الوصول لمستوى ممتاز عن طريق التعلّم الذاتي، وحتى الحصول على وظيفة إن أردت. بإختصار الدراسة الأكاديمية فرصة ممتازة، لكنها ليست كافية.

مع التحيّة.

شارك المقال!

نُشرت بواسطة

Ayman Abdullah

أيمن عبدالله الحاج / 26 عام،مصمم جرافيك ومطور ويب حُر “مستقل” من السودان. مهتم ببناء الهويات البصرية وتصميم وتطوير واجهات المواقع. >> إعرف المزيد...

3 تعليقات على “قوة التعلّم الذاتي: خلاصة تجربتي على مدار 8 سنوات”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *